في ظل الظرف الإقتصادي والغلاء المعيشي، تعاني بعض الأسر كثيرا في تزويج أبنائها وبناتها على حد السواء، فأصبح السؤال عن الوظيفة وراتبها والوضع الإقتصادي العام مقدما على ما سواه، بعد أن كان والد الفتاة في السابق يكتفي بكون الشاب موظفا، لأنه يحمل تصورا مسبقا عن الراتب.
لكن حتى لو قرر الشاب تجاوز معاناته الوظيفية وأقدم على الزواج رغبة منه في الإستقرار وتكوين أسرة قبل أن يمشي به العمر في إنتظار تحسن وضعه المالي، فإنه يصطدم بأسرة الفتاة التي تنبش في وضعه الإقتصادي، لتكتشف كيف ستكون حياة ابنتها في المستقبل، ولعلها لاتلام في هذا الأمر، هذا ما جعل طالب الزواج وقبل الدخول في أي تفاصيل، يقدم بطاقة تعريفية مختصرة بالراتب، وتخيلوا لو تقدم أحد الممرضين أو الصيدلانيين من خريجي الكليات والمعاهد الصحية الذين زج بهم ديوان الخدمة المدنية في براثن المستشفيات الخاصة، التي ما زالت تواصل التحايل والالتفاف على كل الأنظمة والقوانين بشأن الحد الأدنى للأجور، وتدخل الشباب في متاهات كثيرة بدءا من المقابلات الشخصية ذات الأغراض المجهولة التي تتضح من طريقة ونوعية الأسئلة، إلى إدخال طالب الوظيفة في معمعة دعم الموارد أو عدم الدعم، وتقدم عروضا بائسة لطالبي الوظائف لاتتجاوز الألفي ريال بعد خصم التأمينات الإجتماعية والصحية، وتزعم أنهم مخيّرون بين القبول أو الرفض، حتى إذا رفضوا، إستمرت القطاعات الخاصة في تقاذف هؤلاء الشباب من جديد تحت مرأى ومسمع من ديوان الخدمة، أما إذا وافقوا فإنهم يوافقون مكرهين محبطين، بحيث لايتوقع منهم إنجاز ولا إبداع.
ماذا لو أعلنها أحد هؤلاء الشباب الراغبين في الزواج صراحة، راتبي ألفا ريال، تزوجونني؟ هل تعتقد أن يجيبه أحد بالموافقه؟ لا أعتقد، فجميعنا يعلم أنه لم يقبل بهذه الوظيفة إلا مكرها حتى لا يمد يد العوز لأحد من أبويه، لكنها لا تكفي لأن يحيا وحده حياة كريمة، فكيف يعول معه أسرة كاملة بكل تبعاتها؟ إلا إذا إستفاد من أحد الحلول المقدمة وهو أن تتزوجه فتاة مثله راتبها ألفا ريال كذلك.. مؤسف ألا نستثمر طاقات شبابنا الجبارة في بناء مستقبلنا وتحصينه، ومؤسف أن نهدر هذه الطاقات فيما لا يفيد.
بقلم: بشائر محمد.
المصدر: مركز واعي للإستشارات الإجتماعية.